CSS Menus Samples Css3Menu.com

 

 

 

 

القصة القصيرة و النقد

( تجربة مبارك ربيع نموذجا(+)(

 

 

د. عـبد العالي بوطيب

 

 

    تحدث تودوروف في كتابه ( الأدب في خطر)(+) عما يتهدد مستقبل الأدب من مخاطر جراء اهتمام البرامج الدراسية الفرنسية الزائد بالمناهج النقدية و أدواتها، على حساب النصوص الإبداعية المدروسة، مما ساهم و يساهم في تحويل اهتمام المتعلمين عن الأدب باعتباره الغاية ، للمناهج باعتبارها وسائل ، فإذا كانت ( المناهج أدوات لا أحد يعترض عليها اليوم، فإنها ، مع ذلك ، لا تستحق أن ينفق الإنسان فيها جميع وقته )(1)، لدرجة ينقلب معها الدرس الأدبي لدرس مناهجي ، و عوض أن ( يتعلم التلميذ عن ماذا تتحدث الأعمال الأدبية ، يكتفي بمعرفة عم يتحدث النقاد)(2)، و بذلك تدير المؤسسة التعليمية ظهرها كليا ( للغاية من تدريس الأدب و تحول دون عشقه)(3)،

على أنه إذا كان هذا الأمر صحيحا إلى حد كبير، فإننا نعتقد أنه ليس الخطر الوحيد الذي يتهدد مستقبل الأدب كله ، أو بعض أجناسه تحديدا ،  كالقصة القصيرة على سبيل المثال، و أخص بالذكر هنا تحديدا ما قد يكون للممارسة النقدية ، ببعديها الكمي و الكيفي من آثار سلبية وخيمة على المكانة الاعتبارية لبعض هذه الأجناس في الخريطة الإبداعية العامة من ناحية ، و في ترديد بعض الأحكام القطعية المبتسرة المشوهة لحقيقة الأعمال الأدبية الممثلة لها من ناحية ثانية، خصوصا حين يكون مصدر هذه الأحكام أقلام نقدية وازنة تحظى بثقة قاعدة عريضة من القراء و الباحثين ، لدرجة تؤخذ معها  آراؤها و كأنها مسلمات نهائية ثابتة  لا تقبل الرد أو المساءلة ، رغم ما قد يشوبها أحيانا من شوائب نعتبرها من طبيعة الممارسة النقدية العادية ، التي قد لا يسلم منها كبار النقاد و الدارسين، كما تشهد بذلك بعض الوقائع التاريخية.

وهو ما يشكل ، في تقديري الشخصي ، خطرا حقيقيا على عمليتي الكتابة و القراءة على حد سواء، و يسيء بالتالي لوظيفة النقد المتمثلة أساسا في تقريب الأدب  من القراء ، و تيسير سبل تذوقهم لمزاياه الفنية و الفكرية ، تماما كما لاحظ ذلك بحق بعض الباحثين : ( فالنقد يعمل مثل المورد و الكحل ، فقد يعمل على إضاءة القصة و البحث عن المعرفة و المتعة فيها، كما قد يلجأ إلى الإساءة إليها ...)(4).

 لذلك يمكن اعتبار النقد الأدبي  بهذا المعنى : ( من أخطر أنواع البحث في مجالات البحوث الإنسانية، لأنه بالرغم من ارتكاز أغلبه على أسس علمية، يظل مجرد وجهات نظر وقتية و نسبية ، و تتجلى خطورته في أنه كثيرا ما يصد القارئ غير المتخصص عن قراءة الإبداع المنقود، و يغريه بالإكتفاء به، و في ذلك تعتيم للنصوص الإبداعية، و حد من فعاليتها، و تغييب لها، و تزداد هذه الخطورة حدة حينما يتضمن النقد أحكاما قيمية ، و تصنيفات نوعية، أكثر من تضمنه تحليلات و تأويلات و مقارنات و موازنات، فيصير حجابا صفيقا يحول بين القارئ و القراءة بالنسبة لخالي الذهن، و ما تستدعيه من عمليات عقلية ووجدانية متداخلة، تنتج عنها المتعة و الفائدة)(5).

  كل هذا يحصل طبعا دون قصد من هؤلاء النقاد ، و لا بإرادتهم ، و إنما بفعل تهافت القراء المبتدئين ، و ما أكثرهم ، و تسرعهم في ركوب موجة النقد الأدبي  دون عناء ، عن طريق ابتسار أحكام سابقة جاهزة دون فحص و لا تمحيص ، تماما كما لاحظ ذلك نفس الباحث قائلا : ( إن أغلب النقد الذي يملأ الساحة نقد اتباعي يتلقف الأحكام دون تمييز بين الصحيح منها و الزائف ، و يعمل على إشاعتها و ترسيخها ، و يتحاشى الخروج عن المألوف منها) (6).

يمكننا طبعا إيجاد نماذج عديدة لهذه الحالات في مختلف الأجناس الأدبية ، و على مختلف الأصعدة ، الوطنية، القومية و العالمية، يكفي أن نستحضر منها بالمناسبة على سبيل المثال لا الحصر على المستوى العربي حالة نجيب محفوظ الأديب الكبير الذي أغنى بروائعه الروائية و القصصية الخزانة الإنسانية، و مع ذلك تم التركيز نقديا ، دون مبررات معقولة   ومقبولة ، على الشق الأول في تجربته دون الثاني ، الأكثر من هذا أن مساهمته الروائية اختزلت ظلما في الثلاثية ، على حساب روائعه الروائية العديدة الأخرى ، لدرجة أصبح معها يعرف ب ( صاحب الثلاثية)، كل ذلك طبعا بفعل التركيز العفوي و غير المقصود للنقاد على هذا الجانب دون الآخر، و هذا العمل دون غيره، لكن ما يقوم به النقاد بشكل عفوي تلقائي عادة ما تكون له عواقب سلبية غير متوقعة ,

نفس الشيء يمكن أن يقال أيضا عن الكاتب السوري الكبير حنا مينة ، الذي عرف لدى جمهور القراء بأنه ( روائي البحر)، اعتمادا على تصنيف نقدي ظالم ، اختزل قسرا كل تجربته في موضوعة البحر،  كما لو أنه لم يكتب في تاريخه الطويل سوى عن هذا الفضاء وحده، و الحال أن فضاءات عديدة أخرى حظيت باهتمامه كما تؤكد ذلك أعماله ، لكنها أسقطت بفعل حكم نقدي جائر اختزل تجربة الروائي كلها في بعد واحد وحيد ، يتنافي موضوعيا تماما و حقيقة الأمر على المستوى النصي المحايث لهذه التجربة .

أما مغربيا فيمكن القول أن المحتفى به الأديب الكبير مبارك ربيع لا يشذ عن هذه القاعدة ، بقدر ما يؤكدها ،  فهو كما يعلم الجميع ، أديب متعدد الإسهامات ، كتب الرواية كما كتب القصة ، لكن النقد للأسف الشديد ، رغم ذلك ، لم ينصف كميا جانبه الثاني بنفس قدر الأول ، لدرجة يعتقد معها خطأ لدى العامة أنه روائي فقط، و الحال أنه أعطى القصة نفس ما أعطاه للرواية إن لم يكن أكثر، إذا اعتبرنا الجانب الكمي طبعا أولا ، و السبق الزمني ثانيا ، فالمعروف أن الأستاذ مبارك تعاطى كتابة القصة قبل الرواية كما صرح بذلك في غيرما مناسبة ، يقول في إحداها: ( كان أول إنتاج قصصي نشرته هو قصة قصيرة بعنوان ( العاطلون) بجريدة التحرير سنة 1960، و قد لقيت صدى طيبا رغم أنها لم تحتويها أية مجموعة من المجاميع القصصية التي نشرتها لحد الآن)(7). و هو ما يدعمه البحث البيبليوغرافي الذي أعده الأستاذ مصطفى يعلى في هذا المجال ، و نشرته دار المدارس  بالدار البيضاء في سلسلة المكتبة الأدبية سنة 2002 (+) . لكن النقد رغم ذلك كله اهتم كميا على الأقل بالرواية أكثر من القصة ، مما ستكون له حتما نتائج سلبية على صورة القاص و تجربته على حد سواء، موقف غريب طبعا تباينت آراء الباحثين في تفسيره و تحديد أسبابه و خلفياته :

فبعضهم يعيدها لمعتقد خاطئ يعتبر الرواية ديوان العرب في القرن العشرين ، و بالتالي فمن الطبيعي أن يستأثر بنصيب أوفر من اهتمام النقاد و الباحثين ، على حساب باقي الأجناس الأدبية الأخرى، بما فيها القصة القصيرة والشعر ديوان العرب السابق ، يقول : (  في مناسبة فارطة ، إبان السبعينات ، أطلق الروائي السوري المعروف حنا مينه مقولته الشهيرة ، إن الرواية هي ديوان العرب في القرن العشرين و ما بعده ...و منذئذ أصبحت هذه المقولة معزوفة أثيرة لدى كتاب الرواية و قرائها و نقادها على السواء)(8). و هو بالمناسبة نفس الرأي الذي تبنته لاحقا مجموعة من الأسماء الكبيرة في مقدمتها الناقد  المصري جابر عصفور في كتابة المعروف ( زمن الرواية)(+) ، و رفضته أخرى ، و شككت في مصداقيته ، معتبرة أن ما عرفه المشهد الإبداعي العربي من تقلبات عميقة في العقود الأخيرة  قد قلب المعادلة السابقة لصالح القصة القصيرة،كما يؤكد ذلك صاحب الرأي السابق ، قائلا : ( في مقابلة متلفزة أجرتها معه محطة ( م ب س) أواخر 1995، أعاد حنا مينه توكيد المقولة ذاتها، و كأن لا شيء تبدل أو تحول من السبعينات إلى الآن، و كأن شراع الرواية الذي ازدهر به صاحب ( الشراع و العاصفة) لم يصادف عواصف أو حالات فرار تغير من وجهته، أو تخفف من رحلته، كأنه وحده القادرعلى الإبحار، و كأن ليس ثمة شراع أو أشرعة أخرى، تساوقه الإبحار ، إن لم نقل تسابقه الإبحار,

و لا أسوق هنا هذه المقدمة لأشكك في مصداقية و أهمية الرواية أو اغمز من أقتاتها، فهي فن عريق و متجدد باستمرار، بل لأشير فقط إلى أن ثمة جنسا أدبيا سرديا خفيفا في اللسان و ثقيلا في الميزان ، أصبح يسابق الرواية في مضمار السرد، و يسرق منها بعض أضواء و أشياء ، ألا وهو القصة القصيرة..

 و أراني هنا مستمسكا ، و بأثر رجعي ، بٍراي عبد الله العروي ، في هذا الصدد ، رغم مضي أكثر من ثلاثين سنة على الإفضاء به، و هو أن القصة القصيرة هي الجنس الأدبي المطابق لمجتمعنا المشتت و لأحلامنا و طموحاتنا المشتتة و المفتتة، و لست مغاليا من ثم ، إذا عكست الآية مع حنا مينه و قلت إن القصة القصيرة هي ديوان العرب الإبداعي في القرن العشرين و ما بعده حتى إشعار إبداعي آخر)(9).

و إذا كنت أجد في عشق الأستاذ نجيب ل (جنس القصية القصيرة ذي الأسئلة الكبيرة) مبررا كافيا لهذا الرد العنيف على أطروحة حنا مينه ، باعتباره أحد فرسان نقد هذه الكتابة و غيرها، المميزين القلائل ، العارفين أكثر من غيرهم بخباياها و أسرارها ، كما ينعكس ذلك صراحة في وصفه الجميل و المعبر التالي : ( هذه الكبسولة الأدبية التي تسمى القصة القصيرة، هذه الكذبة المتفق عليها بين القاص و المتلقي، على حد تعبير أنطوان تشيكوف، أضحت إحدى أهم العلامات الثقافية لعصرنا ، و أحد أكثر ( الردارات ) الأدبية قدرة على التقاط إيقاعات و ذبذبات العصر، و تسقط أدق خوالج النفس البشرية ، أضحت على قصرها و صغرها ، مستودعا للأسئلة الكبيرة الساخنة، و ملتقى حساسا لفعاليات أدبية و فنية متنوعة: الشعر، الرواية، المسرح، السينما، التشكيل ، الموسيقى..

لقد اقتضمت من هذه الفاعليات قضمات مركزة، و قدمت لعصر ( الساندويتش) أكلة أدبية حقيقية و حريفة)(10) ، و تؤكده متابعاته النقدية الرصين الممتدة لعقود طويلة ، بصمت بميسمها تاريخ نقد الكتابة القصصية بالمغرب ، كما يعترف بذلك جل الباحثين ، و ما الإشادات الواسعة التي حضي بها بحثه الجامعي المتمير سوى حجة دامغة على ذلك : ( يقدم لنا نجيب العوفي في هذا الكتاب( مقاربة الواقع في القصة المغربية) عصارة تجربة خصيبة مع النص القصصي المغربي ، تشكل بتقديري طفرة نوعية ، و في نفس الوقت استطالة و امتدادا لما قدمه من قراءات سابقة لهذا المتن ، سواء في ( درجة الوعي للكتابة) او ( في جدل القراءة)(11).

فإننا مع ذلك لا نوافقه الرأي في موقفه التفاضلي بين الأجناس الأدبية ، بغض النظر عن نوعية الجنس الذي يفضله ، لأن لنا قناعة راسخة بأن المقارنة لا تصح تماما مع وجود الفارق ، كما يقول المناطقة من ناحية ، و لأننا نعتقد أيضا أن كل جنس بالنظر لخصوصيته الإبداعية يصلح للتعبير عما لا تستطيعه الأجناس الأخرى، و العكس صحيح أيضا ، لذلك فقيمة كل جنس أدبي نسبية في علاقتها بالموضوعات المطروقة ، لا في مقارنتها بباقي الأجناس الأخرى ، و هو ما يعني أن اعتبار الرواية أو القصة ديوانا للعرب في القرن العشرين أكذوبة مفضوحة لا تقل عن أكذوبة من يرى بأن وصف القصة بالقصر علامة على نقصها و دونيتها ، لأن : ( كمال القصة ، يكمن أساسا كما قال بوزفور بحق ،في توازن نقائصها، لا في حجمها)(12).

أما البعض الآخر فيعيدها للنظرة الاحتقارية الدونية لجنس القصة القصيرة مقارنة بباقي الأجناس الأخرى  ، و هكذا يعتبرها البعض : (( حمار الأدباء ) ..يستطيع أي كان أن يكتبها ، كما يبدو و يستطيع أن يقول فيها أي شيء، و بأي شكل ، يكفيه فقط أن يضع تحت العنوان هاتين الصفتين ( قصة ..قصص)) ، في وقت يعتبرها البعض الآخر : ( ( بار المحطة)

الروائي : يمر عليها و هو منطلق،

الشاعر : يشرب فيها كأسا قبل الرجوع إلى ديوانه،

 الناقد: يعرج عليها بين الحين و الحين ليثبت أنه يلعب هو أيضا، و أنه ليس وقورا إلى حد التزمت، أو ليثبت أنه مبدعا فاشلا كما يقولون)(13). و هو رأي مردود طبعا لنفس الاعتبارات السابقة,

بينما فئة ثالثة تعتبر المسألة عادية جدا ما دامت تعتبر انعكاسا طبيعيا لوضعية عامة تعرفها الممارسة النقدية القصصية بالمغرب ، و بالتالي لا علاقة لها ، لا بالوضع الاعتباري  للجنس القصصي بالمغرب عامة، و لا بأعمال القاص المغربي مبارك ربيع على وجه التحديد ، بقدر ما هي سمة عامة تشمل كل القصاصين تقريبا دون استثناء و تعبر بالتالي عن وضع نقدي مغربي شامل ، لا أقل و لا أكثر: ( فحتى الآن ، و رغم أن القصة المغربية أقدم من الرواية، و جل الروائيين كتبوا القصة في البداية، فإن حظ القصة من النقد ضئيل جدا بالمقارنة مع الأشكال السردية الأخرى)(14).

 نفس الرأي يقول به باحث  آخر ، لكن على صعيد الدرس الجامعي هذه المرة ، من خلال إحصاء ببليوغرافي للدراسات المنجزة عن هذا الجنس الأدبي في الجامعة المغربية و بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بالرباط تحديدا ، في الفترة الممتدة بين سنتي 1964 و 1996، يقول : ( قلة الدراسات المتعلقة بالقصة القصيرة في الجامعة ، فمن سنة 1964 إلى 1996 لم يعرف البحث في القصة القصيرة بكلية الآداب بالرباط إلا انجاز أربعة أبحاث لنيل دبلوم الدراسات العليا) (15). و هي على التوالي  :

 

·        فن القصة في المغرب، 1914/1966, للأستاذ أحمد اليبوري.

 

·        مقاربة الواقع في القصة القصيرة المغربية من التأسيس إلى التجنيس,للأستاذ نجيب العوفي.

 

·        أنماط السرد الأدبي في القصة المغربية القصيرة: أحمد بوزفور نموذجا, للأستاذ محمد المصباحي.

 

·        مقاربة سوسيو نصية للقصة القصيرةبالمغرب، نموذج سلخ الجلد لمحمد برادة,للأستاذة خديجة مروازي.

 

·         ينضاف إليها طبعا عملا الأستاذين : أحمد المديني : فن القصة القصيرة بالمغرب: في النشأة و التطور و الاتجاهات ، منشورات دار العودة بيروت ، بدون تاريخ، و عبد الرحيم مودن: الشكل القصصي في القصة المغربية، منشورات دار الأطفال، 1988, و قد استبعدا لكونهما أعدا  خارج الكلية المعنية بالدراسة.

 

و هنا لابد من إبداء ملاحظة ضرورية بهذه المناسبة و هي أن النقص الكمي للدراسات النقدية القصصية لا يعكس في شيء القيمة النوعية العالية لهذه الدراسات ، بدليل مستواها الجامعي الرفيع ، و المكانة العلمية المحترمة المشهود بها لأصحابها ، تماما كما جاء في تعليق أحد الباحثين بحق : ( فالنقد الأكاديمي قد استطاع حتى الآن أن يفرز دراسات جذرية بسطت قضايا القصة القصيرة بالمغرب، تاريخيا و فنيا و دلاليا، إضافة إلى مقاربات تبحث في التجنيس و التصنيف و عناصر التطور الداخلية و طرائق التعبير، و بديهي أن نستحضر البحث الرائد لأحمد اليبوري، و ما استتبعه من دراسات قدمها كل من أحمد الديني، نجيب العوفي ، و عبد الرحيم مودن ,, ساهمت إلى جانب الدراسة التقديمية في مؤلف ( لغة الطفولة و الحلم) لمحمد برادة و غيرها بالتأكيد في تقديم عناصر أولى لفهم الظاهرة القصصية بالمغرب) (16).

و أعتقد شخصيا أن وراء الوضع القائم عاملا آخر ، ينضاف للعوامل السابقة في تفسير هذه الظاهرة ، و كشف أسبابها ، و يتعلق أساسا بصعوبة دراسة المجاميع القصصية مقارنة بالروايات ، من حيث كثرة متونها الحكانية و تنوع أشكالها الفنية ، وما تطرحه من صعوبات نقدية لايعلم حقيقتها سوى الممارسين ، و هو نفس الإشكال المطروح في دراسة الدواوين الشعرية أيضا ، لذلك غالبا ما نجد النقاد في الجنسين معا غالبا ما يلجؤون لمرا وغة طريفة لهذه الصعوبات بدراسة نموذج قصصي  أو شعري واحد مع التركيز عليه أكثر من غيره من النماذج الأخرى المكونة للمجموعة أو الديوان، لهذا تراهم يفضلون في الغالب دراسةالنصوص الروائية على طولها، لأنها تظل في النهاية نصا واحدا يخضع لانسجام و تكامل معينين، على دراسة نصوص عديدة و متنوعة وإن كانت قصيرة و مركزة.

و الحقيقة أن هذه التبريرات على اختلاف توجهاتها و وجاهة معطياتها، لا تعدو أن تكون جميعها في النهاية  مجرد التفاف على خطأ ظالم ارتكبه النقد و النقاد في حق هذا الجنس الأدبي ، و من خلاله في حق جهود ممارسيه ، و من ضمنهم طبعا أديبنا الكبير مبارك ربيع.

لذلك أعتقد أن على النقد تصحيح هذه الوضعية الشاذة، و بذل مجهود أكثر لإنصاف هذا الجنس الموصوف ظلما )بالقصر)، وإعادة الاعتبار لمبدعيه و عشاقه بما يخدم مصلحة مشهدنا الثقافي العام.

و أعتقد أن مثل هذه اللقاءات الدورية المخصصة أساسا لتدارس قضايا القصة القصيرة أو غيرها ، مصحوبة بتكريمأحد روادها ، لمن شأنها أن تعيد الوضع لما ينبغي أن يكون عليه ، وأن يعيد بالتالي الاعتبار لهذا الجنس الأدبي ( المنسي / المهمش ) بما يضمن استمراره و توهجه .

 و بالمناسبة أعتقد أن النقد القليل نسبيا المواكب لتجربة الأستاذ ربيع مبارك القصصية كانت له انعكاسات سلبية غير مقصودة طبعا على كيفية مقروئية هذه الأعمال ، و يتمثل ذلك في تأثير الأحكام التصنيفية العامة التي أطلقها هذا النقد في مرحلة تاريخية معينة،  اعتمادا على منهج تحقيبي عام صنفها ضمن خانة المرحلة الواقعية الثانية في تاريخ الكتابة القصصية بالمغرب ، بجانب مجموعة من الكتاب الآخرين نذكر منهم بوعلو ، السحيمي ، شكري زفزاف و آخرين ، يقول أحد الباحثين  بهذا الخصوص : ( بعد 1956 بدأنا نسجل اهتماما أكثر بالكتابة القصصية ، التي يمكن أن نقول عنها بنوع من التقريبية أنها كتابة واقعية بتلاوين متعددة و بخاصة ما يتعلق برصد مجموعة من تحولات المجتمع المغربي عقب الاستقلال، و بنوع من السرعة، و احتلت القصة مكانة داخل الصحف و المجلات، قبل أن تنشر في مجامع، إذن هذا الانتاج الذي جاء مواكبا للاستقلال تميز باحتداد في نبرة الانتقاد و إدماج البعد السياسي الاحتجاجي..إلخ، و يمكن أن نذكر كثيرا من الأسماء مثل الأستاذ ابراهيم بوعلو، عبد الجبار السحيمي، محمد زفزاف ، مبارك ربيع إلخ)(17).

و هو بالمناسبة تصنيف متفق عليه من طرف أغلب نقاد القصة القصيرة تقريبا دون استثناء، فهذا الأستاذ نجيب العوفي يقول في إحدى دراساته : ( في أعقاب الاستقلال السياسي، اواخر الخمسينات، استنسخ سؤال الوطن / الهوية، بسؤال المجتمع / الهوية، و حل هاجس الطبقة محل هاجس الأمة، و انتقل الصراع الواقعي القصصي، جراء ذلك ، من صراع النحن مع الآخر، إلى صراع النحن مع النحن، و بعبارة أدق إلى صراع النحن مع حلفاء و حلفاء لآخر، و طبيعي أن يكون السؤال الاجتماعي كبيرا و ملتبسا و ملغوما بالقياس إلى نظيره السابق، السؤال الوطني،

ذلك أن آلية الصراع سابقا كانت محددة ، أما لاحقا فقد أضحت معقدة، و للإجابة على هذا السؤال / الإشكال، استدعت القصة القصيرة ـ أبطالا ـ  يمكن أن نختزلهم في اثنين: الكادح و المثقف، كما استقطبت موضوعات مختلفة يمكن أن نختزلها كذلك في موضوعين : القهر الاجتماعي و القهر الروحي... و من ثم اقتربت القصة القصيرة المغربية أكثر من أجواء و حساسية القصة القصيرة كحكاية تلتقط أبطالها من الناس المغمورين و الشخصيات الهامشية التي تهيم على حواف المجتمع ( ف  أوكونور)،  كشكل مناسب للمجتمع المشتت و الجادات الأطرافية (  ع العروي)، و كانت قصص محمد إبراهيم بوعلو، و محمد بيدي، و مبارك ربيع و عبد الجبار السحيمي، و محمد برادة و خناثة بنونة، و رفيقة الطبيعة و محمد زفزاف، و إدريس الخوري و محمد شكري و الأمين الخمليشي.. معرضا للمغمورين و المقهورين  و مقصوصي الأجنحة، على اختلاف في الرؤية و الحساسية و اللغة القصصية بين هذا و ذاك،ليس ثمة اتجاهات و منازع محددة يمكن أن نقولب فيها هذا الاختلاف ، بل ثمة تنويعات قصصية على وتر الواقعية، هناك واقعية ـ شفافة ـ و واقعية  ـ كزة ـ ، كما أن هناك واقعية واعية ، وواقعية  ضميرية ( ديمين كرانت)، و الأمر يتعلق أولا و أخيرا بالإحساس القصصي بالأشياء (الواقع)، و بالكلمات ( الكتابة)، بما تفيه كلمة إحساس هذه من دلالات, و الملاحظ أن قصص هذه المرحلة لم تشذ عن العروض القصصي المألوف، و لم تتحرر من إغرائه و نفوذه، لكن ضمن هذا العرض ذاته، قامت هذه القصص بتنويع البنى و الأغاريض السردية، خلافا للمرحلة الأولى) (18).

نفس التصنيف نجده قبل ذلك في مؤلفي الأستاذ أحمد المديني ( فن القصة القصيرة بالمغرب) و ( الكتابة السردية في الأدب المغربي الحديث)(+),

على أنه إذا كان لأصحاب هذا التصنيف مبرراتهم الموضوعية الخاصة المتمثلة أساسا في:

أولا : في اعتمادهم منهجية التحقيب التاريخي في دراسة و تصنيف الكتابة القصصية و كتابها بالمغرب ، و لذلك أدرجوا أعمال الأستاذ مبارك ربيع في المرحلة الثانية المعروفة أساسا بحكم شرطها التاريخي و الإبداعي الخاص بمرحلة الواقعية ، بتلويناتها العديدة و المختلفة ,

ثانيا: أنها دراسات نقدية تعود تاريخيا في مجموعها لسنوات التسعينات : ( أحمد المديني سنة  1986/ محمد برادة سنة: 1986/ نجيب العوفي سنة: 1987/ عبد الرحيم المودن سنة: 1988    )،

و هذا معناه بعبارة اخرى أنها قاربت في تلك المرحلة التاريخية المحددة ، من بين ما قاربت تجارب قصصية غير مكتملة و لا منتهية ، و بالتالي انتهت فيما انتهت إليه من أحكام نقدية على ما بين أيديها من نصوص منشورة ، و لم تدخل في اعتبارها طبعا النصوص اللآحقة و ما قد تحفل به من خصائص إبداعية و فكرية مغايرة قادرة على تآكيدها أو دحضها  , كما هو الحال هنا مثلا مع تجربة الأستاذ مبارك ربيع القصصية ، المكونة ، كما هو معلوم حتى الآن ، من ست  مجموعات ، نوردها مرتبة حسب تسلسلها الكرونولوجي :

 

·        سيدنا قدر 1969.

 

·        دم و دخان  1975.

 

·        رحلة الحب و الحصاد 1983.

 

·        البلوري المكسور: 1996.

 

·        من غرب لشرق ، 2002.

 

·        صار غدا 2009.

 

و هو ما يؤكد طبعا عشقه الكبير  للقصة القصيرة، التي(لايعدها باحة استراحة بين روايتين ، بل واحة أدبية مستقلة يفئ إليها بحثا عن ماء السرد و ظلاله الوارفة)(19)

و هذا معناه أن الأحكام النقدية السابقة ، إذا سلمنا بوجاهتها طبعا ، تبقى مع ذلك  جزئية  نسبية ما دامت قد اعتمد في إصدار أحكامها ، كما تؤكد ذلك كل القرائن النصية ، على بعض المجاميع القصصية فقط دون غيرها ، و بالتحديد على ( سيدنا قدر) و (دم و دخان) ، لتبقى  المجاميع الأخرى اللآحقة ( رحلة الحب و الحصاد) ( البلوري المكسور) ( من غرب.. لشرق) و ( صار غدا)  خارج  تغطية الأحكام النقدية السابقة ،  ليس هذا فحسب ، بل إنها  قادرة أيضا  على تنسيبها أو تعديلها في أحسن الأحوال,

و بالتالي تستوجب من النقاد السابقين و اللاحقين على حد سواء استكمال المشوار النقدي ، بقراءة المجاميع الجديدة في محاولة لمعرفة ما إذا كانت تسير في نفس الاتجاه المعروف سلفا عن صاحبها ، أم أنها تضيف إليه أو تغيره كلا أو بعضا، كي تكتمل الصورة الناقصة حتى الآن ، لكن شيئا من ذلك لم يحصل للأسف الشديد ، و بقيت الأحكام النقدية السابقة الناقصة تفرض سلطتها على المجاميع السابقة واللاحقة على حد سواء مما يسيء للناقد و المنقود معا،  و يظهر تجربة الأستاذ مبارك ربيع القصصية كما لو أنها تجربة نمطية ثابتة لا تتغير ، و أن كل القصص و المجاميع اللآحقة ما هي سوى صور مستنسخة للمجاميع السابقة ، عكس ما تؤكده الدراسة الفاحصة لهذه النصوص، خصوصا في ظل موجة التهافت السائدة في الساحة النقدية الوطنية الحالية ، و ما تعرفه من ابتسار في استصدار الأحكام و تبني أخرى دون فحص أو تمحيص : ( فأغلب النقد الذي يملأ الساحة نقد اتباعي يتلقف الأحكام دون تمييز بين الصحيح منها و الزائف، و يعمل على إشاعتها و ترسيخها و يتحاشى الخروج على المألوف منها)(20).

و هنا تكمن خطورة هذه الأحكام النقدية ، حيث تتحول لدى أشباه النقاد و القراء العاديين لأحكام جاهزة عامة و نهائية لا تقبل الطعن و المراجعة ، متجاهلة سياقاتها التاريخية من ناحية ، و المجهود الإبداعي اللآحق لصاحبها من ناحية أخرى ، لتتحول بذلك في النهاية ، على أيد ي هؤلاء و أولئك ، من أحكام  نقدية  جزئية و محدودة بمحدودية المتن المدروس ، لقيد نقدي عام يكبل ، ظلما و عدوانا  تجربة  قصصية  بأكملها ، دون اعتبار للمجهود الإبداعي المتواصل الذي بذله الكاتب في المجاميع اللاحقة ، و بخاصة في :

(البلوري المكسور) ، ( ومن غرب .. لشرق) و ( صار غدا ), و هذا هو الحيف النقدي الثاني الذي لحق تجربة الأستاذ ربيع القصصية ، و قد لا يكون الضحية الوحيدة في هذا المجال ، ما دام بالإمكان العثور بسهولة على ضحايا آخرين في مختلف المجالات و على مختلف المستويات.

و هي بالمناسبة بعض مخاطر الممارسة النقدية و انعكاساتها السلبية العفوية الجانبية على الأدب ، و التي ينبغي طبعا العمل قدر الإمكان على تصحيحها و تجاوزها ، عن طريق  مثل هذه الندوات و غيرها ،

و أعتقد أن كل من يقرأ مجموعاته الأخيرة ، و بخاصة  ( من غرب .. لشرق ) ، بعيدا عن سطوة الأحكام الجاهزة العامة السابقة، و مكانة أصحابها ، سيدرك حتما ، دون عناء كبير، أنها تشكل قفزة نوعية إضافية جديدة في تجربة الأستاذ ربيع القصصية ، و بالتالي لا علاقة لها إطلاقا بما هو معروف في مجاميعه السابقة، و بخاصة ( سيدنا قدر) و ( دم ودخان)، لا من حيث طبيعة الموضوعات المحكية، و لا من حيث الطرق السردية المتطورة المعتمدة في نقلها (+).

و هو ما نعتبره أمرا طبيعيا جدا ما دام السياق غير السياق ، بدليل الفارق الزمني الكبير الفاصل بينها, و لأننا نؤمن أيضا بدينامية الفعل الإبداعي لدى الأستاذ مبارك ، و لا نتصوره أبدا يكتب من أجل تحقيق تراكم كمي فقط ، يقوم على اجترار نموذج قصصي جاهز ثابت لا يتغير, خصوصا و أنه ، بحكم تاريخه و تجربته ، يعرف أكثر من غيره ، أن لا جدوى من كتابة عمل جديد لا يشكل إضافة فكرية و فنية لصاحبه.

لذلك أستطيع القول دون مبالغة أن تجربة الأستاذ مبارك القصصية دخلت في العملين الأخيرين منعطفا إبداعيا جديدا مغايرا إلى حد كبير لما كان عليه الأمر في مجاميعه السابقة،

تماما كما حصل في كتابته الروائية بعد رواية ( بدر زمانه ) و ما بعدها ، و أن على النقد أن يلتقط هذا التحول الإبداعي ليراجع بعض أحكامه السابقة بما يتناسب و مستجدات التجربة الإبداعية اللاحقة ، إحقاقا لحق و إنصافا لصاحبه، كي لا تظل الممارسة النقدية متخلفةعن الدينامية الأدبية ، و أن تواكبها مواكبة لصيقة بما من شأنه تحرير الأدب والقراء العاديين من سلطة بعض الأحكام النقدية ، مهما كانت وجاهتها ، و مكانة أصحابها.

و في الأخير لا بد من التأكيد على أن ما قلته سابقا ، لا ينبغي أن يفهم إطلاقا ، بأي حال من الأحوال ،  على أن الأستاذ مبارك لم يعد واقعيا في الكتابة ، أو أنه ما عاد يكتب عن الواقع ، بقدر ما يعني فقط أنه غير طريقته المألوفة في التعبير عن هذا الواقع ، فانتقل من الكشف الموضوعي للواقع،إلى التعبير عن آثاره الذاتية من الداخل ، و بالتالي من إبراز مظاهر الواقع في الأشياء ، لإبراز آثاره في الإنسان، أي من الوصف الحسي للواقع، لوصف إحساس الفرد به ، و كأن الواقع ذاته في الكتابة لم يعد له معنى ، أمام مزاحمة الصورة ، فأراد أن يبحث عن دور جديد يعطي منتوجه الأدبي مشروعيته المفقودة ، و يكمل أداء الصورة الناقصة في نفس الوقت، إنه الإحساس الداخلي الذي تعجز الصورة بحكم سطحيتها و حسيتها عن نقله و تبليغه.

يتجلى ذلك بشكل واضح في قصة( قوس قزح) و النقل التلفزي لمظاهر الجفاف الذي ضرب الفلاحة المغربية و أضر بها، و الاستغوار النفسي لآثار هذه الصور الحسية المنقولة على الدواخل الذاتية للمشاهدين، و بذلك يظهر التكامل التعبيري بين وسيلتين مختلفتين و متكاملتين في نفس الوقت، وكيف أن التلفزة كوسيلة تواصلية جماهيرية ، أصبحت بفعل جنون العالم مختصة في نقل الكوارث وحدها( رغم الزاهي و الباهي من الألوان )، و هنا تكمن المفارقة بين حقيقة الموضوع المنقول و مظهر الأداة الناقلة.

لكن ما لم تقله القصة صراحة ، و اكتفت بنقله ضمنيا بطريقة غير مباشرة، هو أن التلفزة رغم ذلك تبقى عاجزة عن نقل ما هو أعمق و أخطر، إنه آثار هذه الكوارث المنقولة في الإنسان ، و هو ما يختص به الأدب طبعا ، دون غيره.

لذلك نجد الكاتب / السارد في هذه القصة يزاوج بنوع من التناوب بين اللقطات التلفزية الحسية الباردة طبعا بطبيعتها ، و المقاطع الوصفية  الحارة الموحية بانعكاسات هذه المشاهد على المشاهدين,

و هو في تقديري ليس اختيارا تقنيا عفويا و ليد الصدفة كما قد يظن خطأ، حتى و إن لم يكن مقصودا بوعي من قبل الكاتب / السارد، لأنه كان بإمكانه أن يستبدله بآخر مغاير يتجول فيه المشاهدون في الحقول المتضررة، ليقفوا مباشرة ، دون واسطة ، على فداحة المصاب ، و حجم الأضرار، عوض بقائهم في البيت يشاهدون عن بعد ، و بطريقة غير مباشرة ، جفاف الأرض في التلفاز، لكنه أصر مع ذلك على اختيار الطريقة الأولى ، المبنية أساسا على النقل التلفزي  غير المباشر عوض الاتصال المباشر، و كأنه يريد بذلك أن يركز على أثر الوسيلة الناقلة / التلفاز ، أكثر من الموضوع المنقول / الأرض الجافة، و ليتخذ من ذلك أرضية لسبر أغواز نفوس المشاهدين فيما ينقل من كوارث ، ليمتزج الحس بالإحساس في لوحة جميلة متكاملة تعكس براعة الكاتب و قدرته الكبيرة على التخييل و الإبداع.

 

 


 

 

هوامش الدراسة:

 

 

(°نص الدراسة التي شاركت بها في المهرجان الثاني للقصة القصيرة المنظم بمدينة بني ملال و ازيلال بشراكة بين المديرية الجهوية للثقافة و المكتب المركزي لاتحاد كتاب المغرب يومي 27/28 من شهر ماي 2011، دورة الأديب المغربي الكبير القاص مبارك ربيع.

°) ت تودوروف: الأدب في خطر، ترجمة : عبد الكبير الشرقاوي، دار توبقال للنشر، 2007.

1) ت  تودوروف : مرجع مذكور ، 2007، ص:15.

2) ت  تودوروف: مرجع مذكور، 2007، ص:12.

3) ت  تودوروف : مرجع مذكور، 2007، ص:16.

4) شعيب حليفي : العين و الكحل ، ضمن كتاب جماعي بعنوان : أسئلة النقد القصصي بالمغرب، منشورات الشعلة ، الطبعة الثانية ، سنة :2006، ص: 52.

5)    أحمد زياد : تجربة بوعلو القصصية بين النقد و الانقاد ، ضمن كتاب جماعي بعنوان : القصة المغربية ، منشورات الشعلة، الطبعة الثانية ، سنة : 2006، ص:90.

6) أحمد زياد : دراسة مذكورة ، 2006، ص:91.

7) مبارك ربيع : شهادة بعنوان : ليس لدينا زينب مغربية، مجلة آفاق المغربية، عدد: ¾ دجنبر 1984،ص:110.

°)مصطفى يعلى : بيبليوغرافيا السرد المغربي ، منشورات دار المدارس ، الدار البيضاء، 2002، ص: 87/88/95، حيث يشير إلى أن مجموعة مبارك القصصية الأولى (سيدنا قدر)صدرت أول مرة عن دار المصراتي بطرابلس ليبيا سنة: 1969، و أن مجموعته القصصية الثانية ( دم و دخان) صدرت عن الدار العربية للكتاب ، ليبيا / تونس ، سنة 1975. بينما عمله الروائي الأول ( الطيبون) لم تصدر طبعته الأولى سوى سنة 1972 عن دار الكتاب بالدار البيضاء.

8) نجيب العوفي : القصة القصيرة بين سؤالي التجنيس و التحقيب ، ضمن كتاب  جماعي بعنوان : أسئلة النقد القصصي بالمغرب ، منشورات الشعلة ، الطبعة الثانية ، سنة : 2006، ص:19.

°) جابر عصفور : زمن الرواية ، دار المدى، 1999، ص:13 و ما بعدها.

9) نجيب العوفي : دراسة مذكورة، 2006، ص:19/20.

10) نجيب العوفي : دراسة مذكورة، 2006،ص:41.

11) حسن بحراوي : دراسة ضمن كتاب جماعي عن القصة المغربية ، منشورات الشعلة ، الطبعة الثانية، سنة 2006، ص. 206.

12) أحمد بوزفور : الزرافة المشتعلة ، عن الشعر في القصة، ضمن كتاب جماعي بعنوان: القصة المغربية، منشورات الشعلة ، الطبعة الثانية، سنة: 2006، ص:25.

13) أحمد بوزفور: القصة القصيرة فأر التجربة بين المرجعية و التجنيس ، ضمن كتاب جماعي بعنوان: القصة المغربية، منشورات الشعلة ، الطبعة الثانية، سنة : 2006، ص:68.

14)  شعيب حليفي : دراسة مذكورة، 2006، ص:52.

15) عبد الفتاح الحجمري : نقد القصة في الجامعة، المفهوم و المنهج، ضمن كتاب جماعي بعنوان: أسئلة النقد القصصي بالمغرب، منشورات الشعلة ، الطبعة الثانية، 2006، ص:39.

16) شعيب حليفي : دراسة مذكورة، 2006، ص:54

17) محمد برادة : التجنيس و المرجعية في القصة القصيرة بالمغرب، ضمن كتاب جماعي بعنوان : القصة المغربية ، منشورات الشعلة، الطبعة الثانية، 2006، ص:62/63.

18) نجيب العوفي : القصة  القصيرة و الأسئلة الكبيرة، ضمن كتاب جماعي بعنوان : القصة المغربية، منشورات الشعلة، الطبعة الثانية 2006، ص:43.

°)أنظر بهذا الخصوص أحمد المديني : فن القصة القصيرة بالمغرب: في النشأة و التطور و الاتجاهات، منشورات دار العودة ، بيروت / لبنان، بدون تاريخ ، و خاصة فصله الثالث من الصفحة 305 و ما بعدها.

و اظر كذلك كتابه الثاني : الكتابة السردية في الأدب المغربي الحديث : التكوين و الرؤية، مطبعة المعارف الجديدة، سنة : 2000، و خاصة فصله الثاني من الصفحة 129 و ما بعدها.

19)مبارك ربيع : مقتطف من الورقة التقديمية للمهرجان الوطني للقصة القصيرة لمدينتي بني ملال و أزيلال، المنظم يومي 27/ 28 ماي 2011، و المخصصة أعماله لتكريم الأديب المغربي مبارك ربيع.

20) أحمد زياد : دراسة مذكورة، 2006، ص:91.

°)للإشارة تقع هذه المجموعة في حوالي 140 صفحة من الحجم الكبير، موزعة على أربع عشرة قصة، تتوسطها القصة التي تحمل المجموعة عنوانها، و هي بذلك تقسم المجموعة و الكتاب لقسمين :

قسم أول سابق يتكون من ست قصص، هي على التوالي :

( لهب و ضياء/ يوم بلا وجوه/ التشعيلة / ظلال/ على الرمال/ ذاك البحر)

و قسم ثان لاحق يتضمن القصص السبع الباقية، و هي :

( الرجل و الفراشة / قوس قزح/ واسمة و سمة/ معزوفة/ خضيرا/ الرجل و المرأة/ عصفورة).

و تمتاز في مجموعها خلافا لمجامعه السابقة بـ :

·        بساطة محكياتها.

·        تراجع اهتمامها بالحكاية لفائدة الخطاب.

·        تراجع السرد لفائدة الوصف.

·        تراجع الوصف المباشر و تعويضه بالتلميح و الإيحاء.

·        التركيز على الإحساس  عوض الحواس في تقديم الشخصيات

·        التركيز على الباطن عوض الظاهر.

·        غياب الوصف الخارجي للشخصيات و استبداله بوصف تضاريسها الباطنية.

·        الاقتصاد في الوصف و السرد عوض الإطناب، و بالتالي الميل للتكثيف.

·        كثرة نقط الحذف بكل ما تتيحه من فرص واسعة لإشراك القارئ في بناء النص.

·        انفتاح محكيات النص عوض انغلاقها.

·        طغيان الشاعرية على أسلوب الكتابة عوض التقريرية السابقة.

·        القصص في مجموعها لا تقول شيئا مباشرا ، بقدر ما تكتفي بالتلميح إليه فقط.

و هذه السمات الفنية و الحكائية تتناقض كما هو معلوم و مواصفات الكتابة الواقعية التقليدية.