CSS Menus Samples Css3Menu.com

 

 

 

 

الكتـــــابـة الروائـية والوعـــي

- غيلة - (*) العروي  نموذجـا 

 

د. عـبد العالي بوطيب

 

 

    لقد تناولنا في دراسة سابقة، عن بعض أعمال الأستاذ عبد الكريم غلاب السردية، علاقة الكتابة بالوعي، مبرزين التلازم الجدلي الوثيق القائم بينهما ، لدرجة يصعب معها تصور كتابة حقيقية بدون وعي، أو وعي حقيقي بدون كتابة(*) .

وإذا كانت شروط العمل السابق المعرفية قد حالت دون توسيع دائرة النماذج التطبيقية لتشمل أعمال أدباء مغاربة آخرين، فإننا اليوم نهتبل فرصة صدور رواية الأستاذ عبد الله العروي ما قبل الأخيرة – غيلة –(+) ، لتدارك ما فات. نظرا لما بين تجربتي الكاتبين من تقارب عميق،رغم ما يبدو عليهما ظاهريا من اختلاف، بفعل احتكامهما معا لتصورات نظرية واضحة ومحددة، تضفي على كتاباتهما صفتي الانسجام والتكامل، المقترنتين عادة بالمشاريع الأدبية الكبرى.

حقيقة يكفي لملامسة أبعادها الوقوف على مبدأين أساسيين في المنظومة العامة المشكلة للخلفية النظرية المؤطرة لتجربة العروي الإبداعية:

الأول يتعلق بسوسيولوجية الشكل (*)، ويتلخص في أن اهتمام الروائي العربي ينبغي أن لا ينحصر فيما هو فكري / موضوعاتي فقط، وإنما يجب أن يتسع ليشمل الجوانب الشكلية أيضا، نظرا لما لها من أهمية خاصة في التعبير عن قضايانا الفكرية من ناحية، ولما تحمله في ثناياها من مؤشرات سوسيو لوجية دالة على عمق انتمائها لشرطها السوسيوثقافي من ناحية أخرى. لذلك فإن كل إغفال لهذه الحقيقة من شأنه الإخلال بجوهر الممارسة الروائية العربية ، وتحويلها لمجرد نشاط فكري أجوف ، يفتقر لسند معرفي تاريخي واضح . مما سيؤدي حتما لترك المجال واسعا لسيادة التسيب والفوضى، ويجهض بالتالي كل الجهود المبذولة لإثبات الذات في هذا المجال. ناهيك عن المخاطر العديدة الأخرى، وفي مقدمتها طبعا تكريس تبعية أعمالنا للنماذج الغربية المستهلكة، نتيجة استمرار الاستنساخ الحرفي لأشكال روائية جاهزة غريبة عن واقعنا، لا تربطها بشرطنا الحضاري العام أية رابطة. لذلك فإن الاهتمام بالشكل الروائي العربي، تأصيلا وتطويرا، لا يعد من هذه الناحية مجرد ترف فني زائد، كما قد يتوهم البعض، بقدر ما هو انشغال حقيقي يدخل في صلب العملية الإبداعية، إن لم يكن قلبها النابض، خصوصا إذا علمنا أن : ( ليس الموضوع …. هو الذي يصنع الرواية ) (1)، وأن : ( كل تقنية روائية مؤشر على عقيدة فلسفية ) (2).

والثاني يخص التجريب الوظيفي (*)، فإذا كانت الأشكال الروائية ، كما أسلفنا، نسبية، ولا تمتلك قيمة تعبيرية مطلقة، تؤهلها لتكون صالحة لكل الأزمنة والأمكنة والموضوعات، مما يستوجب بالضرورة البحث عن أشكال روائية ، جديدة أو مكيفة، تتلاءم ومعطياتنا الخاصة، فإن التجريب يبقى ، في جميع الأحوال، المنفذ الإجرائي الوحيد لبلوغ ذلك. خصوصا بالنسبة لوضعنا الثقافي العربي المعروف بخاصيتي:

1/ غياب مرجعية روائية تراثية تشدنا للوراء، وتحد من أفق تطلعاتنا الإبداعية المستقبلية(*).إذ المعروف أن هذا الجنس الأدبي: ( وافد من الغرب، ولم يعرفه المجال العربي – بشكله الذي عرفته به أوروبا- إلا منذ نهاية القرن التاسع عشر، كما لم يفرض نفسه في مجال الإبداع إلا خلال العقود الأولى من هذا القرن في الشرق العربي) (3).

2/ افتقار العديد من روائيينا لقاعدة جماهيرية تؤمن لهم انتشارا تجاريا عريضا مبنيا على مواثيق وأعراف إبداعية صلبة وملزمة، يخشى الكاتب ضياعها مع كل تجديد، كما هو الحال في الغرب، وضعية تحرره: ( وتمكنه من أن يتعامل مع فن الرواية ليس كمحترف، بمعنى ليس كخادم للرواية، ولكن كهاو ، بالمعنى الأصلي ، لأنه شخص غير مدفوع أو مرغم على تعاطيه الرواية، ولكنه مع ذلك يكتبها) (4).

لذلك كله فإن : ( الكتابة الروائية، في مجتمع كالمغرب، لا يمكن أن تكون، في رأي العروي، إلا تجريبية) (5).

لكن التجريب ، كما يفهمه العروي ويدعو إليه، ليس بحثا شكليا مجانيا متحررا من كل الارتباطات ، ولا تجريبا لأجل التجريب، كما قد يعتقد البعض، بقدر ما هو تجريب هادف، مسخر لخدمة أغراض وقضايا فكرية محددة، تكسبه قيمة تعبيرية حقيقية، وتنقذه بالتالي من متاهات البحث الشكلي العشوائي المفتوح على كل الاحتمالات.وهذا ما دفعنا لنعته، من هذه الناحية، بالوظيفي، تمييزا له عن غيره من الدعوات التجريبية الأخرى، التي لا علاقة لها به. يقول العروي في هذا الصدد : ( ليس عيبا أن تكون الرواية تجريبية، ولكن العيب ألا تكون إلا تجريبية، يجب أن تكون تجريبية لهدف ما، والهدف بالطبع هو قضية الموضوع، إذا طرح فذاك، وإذا لم يطرح ، أو طرح وحكم عليه بأنه لا حل له في الظروف الراهنة، يبقى العمل التجريبي محدود القيمة) (6).

فالتجريب الشكلي لذاته يظل عقيما ما لم يوظف لخدمة موضوع بعينه، كما أن الموضوع ،كيفما كانت أهميته، لا يكتسب قيمته إلا من خلال الشكل المناسب. وهو ما يعني بعبارة أخرى أن الحكم لصالح أو ضد شكل أو موضوع، منفصلين عن بعضهما البعض، يعد قاصرا ، ما لم يقم وزنا للعلاقة الجدلية الوطيدة القائمة بينهما : ( عندما نفهم جذور هذه الأشكال، حينئذ نوظفها بالنظر إلى الموضوع الذي نهدف إليه، وبالتالي لابد أن نصل إلى إبداع أشكال ربما مخضرمة بشرط أن تكون هناك مطابقة بين الشكل المختار وبين الموضوع)(7).

وهذا ما يفسر، في تقديري الشخصي، التنوع الشكلي الملحوظ الذي يطبع مختلف أعمال الأستاذ العروي الروائية، السابقة و اللاحقة (*)، ويكسبها في الوقت ذاته، خاصيتي الوحدة والتنوع المعهودين في المشاريع الإبداعية الحقيقية كبرى، المبنية على أرضية معرفية صلبة .

حقيقة يكفي للتأكد من صحتها قراءة بعض ما جاء في تعليقه الشخصي عليها، يقول : ( لقد حاولت أن أقوم في كل قصة بتجربة خاصة بشكل محدد من أشكال السرد)(8).

وهكذا يتضح، بما لا يدع مجالا للشك، أن الكتابة الروائية عند العروي، شأنها في ذلك شأن باقي التجارب الإبداعية الجادة الأخرى، كتابة واعية، بالمعنى العميق والشامل للكلمة، لكونها تحيط بجميع أبعاد الفعل الروائي على اختلاف مظاهره ومستوياته، الفنية والفكرية ، النظرية والتطبيقية. مما يكسبها قيمة أدبية خاصة ، يجسدها الاهتمام الكبير والمتزايد الذي تحظى به في أوساط المثقفين، رغم الصعوبات العديدة التي تواجههم في قراءتها، والاستمتاع بمقوماتها .

 فإلى أي حد تعكس روايته ما قبل الأخيرة هذا الطرح وتدعمه؟ وما مدى انسجامها والتصورات النظرية السابقة؟.

للإجابة عن هذين السؤالين، لابد أولا من دراسة الرواية المذكورة دراسة تفكيكية فاحصة، تتوخى الوقوف على أبرز مقوماتها الفكرية والفنية. قبل الرجوع ثانيا لوضعها في الإطار النظري العام السابق لتصور صاحبها، في محاولة لحصر نقط الائتلاف والاختلاف بين ما هو نظري وما هو تطبيقي من ناحية أولى، وبين هذا العمل الأخير و باقي أعمال الكاتب الروائية السابقة الأخرى من ناحية ثانية. وهو ما يعني بعبارة أوضح وأبسط، البحث في مظاهر الانسجام والتكامل في مشروع العروي الروائي ككل.

في هذا الإطار ، يمكن القول مبدئيا، وبشكل إجمالي، دون الدخول في التفاصيل، إن هذه الرواية ، خلافا لسابقاتها، تتحدث، كما جاء ذلك صراحة في بيان غلافها الخلفي : ( عن السلطة وما تفعله بالإنسان، وعن العدالة التي نحلم بها ولا ندركها أبدا ) (9). وبذلك يتضح، من خلال هذا المناص الداخلي الأصلي (paratexte interne) (*)، المنسوب ، بحكم عمق إيحائه ودقة صياغته ، للمؤلف،  لا الناشر، أن موضوع هذه الرواية الحكائي يتوزع لمحورين رئيسيين ، متعارضين ومتكاملين:

الأول: يخص السلطة بمفهومها العام، وممارساتها المألوفة الهادفة لفرض ّ النظام والاستقرارّ بمختلف الأساليب والوسائل، دون تقدير لحجم النتائج السلبية المترتبة عن ذلك ، وانعكاساتها الوخيمة على التطلعات المشروعة للمواطنين.

والثاني: يهم المجتمع المدني، بمختلف مكوناته و شرائحه ( جمعيات، منظمات، صحافة )، وما يوحدها من  طموحات مشتركة في العيش الكريم ، داخل مجتمع عادل، يقدر إنسانية الإنسان ، بعيدا عن أي اعتبار آخر كيفما كان حجمه و طبيعته  .

هذا التعارض بين المواطن والسلطة، بين الحلم والحقيقة، يشكل في العمق النقطة المركزية التي تلتئم عندها وحولها كل الأحداث الروائية على اختلاف شخوصها، وتباين شروطها و مكوناتها، كما سنبين ذلك لاحقا.

فالرواية، عموما، تحكي عن موت ثلاث نساء ( سارة أو فرانسين دوفرن، عائشة مغران، وحنينة كرم أو جنين كرملي)، والتحقيق الجنائي المنجز بالمناسبة من قبل الشرطة الفرنسية، لكشف ملابسات موت سارة، الحدث المركزي في الرواية، و تحديد طبيعته، والمسؤولين عنه، خصوصا في ظل الشبهات القوية القائمة حول علاقة الطالب المغربي نعمان سراج بهذه الأخيرة. ولعل هذا ما أضفى على الرواية مسحة بوليسية خاصة، تتناسب وطبيعة الموضوع الحكائي المطروح من ناحية، ونوعية الأهداف التواصلية المطلوبة من ناحية أخرى. ما دام الأهم، عند الكاتب، ليس هو الحكي في ذاته، وإنما الغايات التعبيرية المستهدفة من ورائه (*).

وبذلك يكون العروي بعمله هذا قد فند الادعاءات الشائعة القائلة بان الرواية البوليسية لا تتلاءم بتاتا ومواصفات الواقع العربي الموسوم بالوضوح وغياب الغموض، باعتباره القلب النابض لهذا اللون التعبيري المتميز. و يفسر في الوقت ذاته سر عزوف أغلب الأدباء العرب عن كتابته (*).

على أن ما يشد الانتباه في توظيف العروي لهذا القالب الروائي الغربي الغريب عن طبيعة واقعنا القومي، هو التعديل النوعي العميق الذي أدخله عليه، لجعله ملائما لأهدافه التعبيرية الخاصة، المرتبطة أساسا بمقومات مشروعه الروائي العام، وبذلك أفرغه من أبرز مواصفاته الحكائية المألوفة، المرتكزة بالدرجة الأولى على الإثارة والتشويق الأجوفين، لتقوية اهتمام القاريء و تحفيزه أكثر على متابعة الحدث الروائي إلى أن يتم كشف المجرم ، و تحديد الأسباب الكامنة وراء ارتكابه للجريمة.كما تؤكد ذلك البنية السردية النموذجية الخاصة بهذا الصنف الروائي، المشكلة إجمالا من حدثين حكائيين رئيسيين مختلفين ومتكاملين، هما: الجريمة والتحقيق (*). على أن يتم الاحتكام في ترتيبهما السردي للغاية التواصلية المحددة لكل رواية، أهي التشويق أم التعريف، يقول تودوروف في هذا الصدد: ( يوجد شكلان مختلفان من اهتمام القاريء بالرواية البوليسية: الأول يمكن تسميته بحب المعرفة – la curiosité- وينطلق مساره  من النتيجة للسبب… أما الشكل الثاني فهو التشويق –le suspense-  وهنا نتجه من السبب للنتيجة)(10)،علما بأن العلاقة بينهما تظل في الحالتين معا وطيدة ومتينة يستحيل فسخها. لهذا غالبا مالا نجد رواية بوليسية تحكي عن أحد هذين المكونين دون الآخر. تطبيقا للقاعدة القائلة باستحالة وجود جريمة كاملة، وأن المجرم مهما بلغت درجة دهائه واحترافيته،  لابد أن يرتكب أخطاء تدل عليه ، و توقعه بالتالي في يد العدالة. الأمر الذي جعل المنظرين يجمعون على تعريفها، من هذه الناحية، بكونها لعبة ذهنية محكمة و(آلة للقراءة/ une machine à lire)(11) ، تنحصر آفاقها السردية في نطاق الحدود الضيقة السابقة، ولا تغادرها إلا ناذرا. مما ساهم إلى حد كبير في تقليص طاقتها التعبيرية، وأضفى عليها بالتالي رتابة حادة، أفقدتها بعضا من قيمتها الإبداعية، لدرجة أصبحت معها تصنف، في الكثير من الأحيان، ضمن خانة الآداب الرخيصة أو ( الأجناس الموازية للأدب/ paralittéraire)(12) على حد تعبير طوماس نارسياك . وهذا ما فطن إليه العروي،  بحسه الأدبي الرفيع، فعمل على تفاديه عن طريق إدخال تعديل أساسي يمس جوهر مقومات البنية الروائية البوليسية، ممثلا في العلاقة التلازمية القائمة بين الجريمة والتحقيق من جهة، والتحقيق وإلقاء القبض على المجرم من ناحية أخرى. وبذلك تمكن من إعادة الحياة لهذا اللون الروائي المتكلس، بفعل رضوخه الصارم والدائم لبعض الأساليب التقنية الجامدة، مما جعله قادرا على التلاؤم وخصوصية موضوعه الحكائي الجديد، وأهدافه التواصلية . كما سيتضح ذلك جليا من الطريقة الخاصة المعتمدة في سرد هذه الوقائع الحكائية .

وهكذا نلاحظ أن – غيلة – رغم اعتمادها البنيوي على المكونين الحكائيين الأساسيين للرواية البوليسية :

 

1/ الجريمة : ممثلة في الوفاة المفاجئة والغامضة لثلاث نساء ( عائشة مغران/ جنين كرملي/ وسارة أو فرانسين دوفرن)، هذه الأخيرة التي سيتحول موتها، لاعتبارات عديدة ومختلفة، لبؤرة سردية أساسية تغطي معظم فضاء النص الروائي،( 300صفحة من مجموع صفحات الرواية350) . من بين هذه الاعتبارات:

 

            ·  توفر سارة دونا عن الأخريات على أسرة ( مكونة من الجدة حنة ابراهمسن أم شارلوط) تطالب بفتح تحقيق لمعرفة أسباب وفاتها المفاجئة.كما يتضح ذلك صراحة من فحوى الخطاب الذي وجهته الجدة للعميدة كلودين لاروز: ( سارة في مقام ابنتي ، لا فرق بينها وشارلوط، بفقدانها تضاعفت وحدتي، من أجلها غادرت ملجئي في الأرجنتين، مرت سنين قبل أن أعثر عليها بعد الحرب، و ها أنا أفقدها مرة ثانية في ظروف مؤلمة، نود متابعة التحقيق ، جئنا لنؤكد رغبتنا هاته) (13).

 

            ·  تورط نعمان سراج الطالب المغربي في هذه القضية، بناءا على علاقته المشبوهة بالمتوفاة، مما أدى لاعتقاله احتياطيا مدة معينة على ذمة التحقيق. وبذلك تم الربط ، جنائيا وحكائيا طبعا، بين واقعة موت سارة، الفتاة  الأرجنتينية الأصل المقيمة في فرنسا، وظروف نعمان، الطالب المغربي المقيم في فرنسا، لتحديد مسؤوليته فيما وقع.

 

وهذا ما يفسرهيمنة الحكي الاسترجاعي على أغلب المقاطع الروائية، بهدف إلقاء أكبر قدر من الأضواء الكاشفة على ماضى هاتين الشخصيتين الرئيسيتين، في محاولة للعثور على ما يثبت أو ينفي قتل الطالب للفتاة. وهو ما يعطي الانطباع بأن الحكي في هذه الرواية لا يتقدم خطوة إلى الأمام إلا ليعود خطوات كثيرة للوراء. وما التباين الزمني الموجود بين قصر حجم المحكي الأول (le récit premier)، ممثلا في الأيام الثلاثة التي قضاها السارد صحبة عزيز سراج في فندق الكورنيش بالدارالبيضاء، وطول  الاسترجاعات الخارجية (analépses externes )(*) العديدة المتواجدة بالرواية، والتي يعود بعضها لما قبل زواج والدي نعمان (عزيز و خالدة) ، إلا دليل قاطع على صحة ذلك.

 

2/ التحقيق : ويعد الخطوة الثانية المكملة لبنية الرواية البوليسية، الرامية لكشف خيوط لغز الجريمة، وتقديم المسؤول عنها للعدالة، بهدف إعادة الطمانينة لنفوس المواطنين، وإقناعهم بأن الجريمة مهما تطورت ، فإنها لن تتجاوز، مع ذلك، إمكانات القائمين  على محاربتها.

 

وقد أسندت هذه المهمة في الرواية للعميدة كلودين لاروز، بمساعدة المفتشين جاك برطولي وروبير لافال . وبعد تحريات أولية استقر رأيهم جميعا ، استنادا لبعض القرائن، على حصر نطاق التحقيق في علاقة سارة بنعمان، واعتبار هذا الأخير المتهم الأول ، وربما الوحيد، في القضية. لذلك انكبوا كليا، من البداية، على تقليب صفحات ماضي هاتين الشخصيتين، علهم يجدون فيها ما يدعم قناعتهم.

وهكذا تعرفنا ، خلال مراحل التحقيق المختلفة، على صعوبة الوضعية العائلية  التي عاشها ويعيشها نعمان، باعتباره وحيد أسرة مختلطة مكونة من أب مغربي ( عزيز سراج) وأم فرنسية ( خالدة الخطيب)، وآثارها السلبية العميقة في تحديد مساريه التربوي والتعليمي . بدليل مضمون الرسالة العتابية التي وجهها لوالده بهذا الخصوص. يقول :( أدركت سن الدراسة، فاخترت لي مدرسة، رغم ارتفاع كلفتها، لأنها كانت مزدوجة البرامج، تلقن بالتساوي العربية والفرنسية، مكثت فيها سنتين، وأنا مرتاح مسرور، وجدت فيها تلاميذ مثلي فأحببتهم وأحبوني، ثم بغتة أخرجتني منها، وجاهدت حتى تمكنت عبر وسائط أن تسجلني في مدرسة البعثة الفرنسية، قلت آنذاك إنك تود أن تترك لي حرية الاختيار عندما أبلغ سن الرشد، وأنك لا تريد أن تحد مسبقا من الإمكانيات المتاحة لشاب مثلي، قلت إنك تخشى أن أحاسبك يوما على أنك لم تزودني بكل الأسلحة لأخرج منتصرا من معترك الحياة، لاشك أنك كنت صادقا في ما تقول ….. لكن هل تصورت الرجة التي أحدثتها في نفسي تلك النقلة من محيط ثقافي إلى آخر، من تعليم إلى آخر، وفيما يخصك أنت أبي ومربي الأول ، من موقف معلن إلى آخر) (14).

كل ذلك جعل هذا الطفل المذلل يفقد الثقة في كل شيء، ويتحين  الفرصة للتعبير عن رفضه المطلق لهذه الأساليب التربوية المتذبذبة . وهكذا فبمجرد ما أنهى دراسته الثانوية بالمغرب، والتحق بفرنسا لمتابعة دراسته الجامعية، حتى وجدناه ، يستغل تحرره من مراقبة والديه المباشرة للقيام بسلوكات مناقضة تماما للأهداف التي سافر من أجلها، كما تؤكد ذلك المعلومات العامة التي جمعها عنه المخبر جاك برطولي: ( غادر زنقة أليزيا منذ أيام ولم يعد إليها… إنه مسجل في كلية الحقوق قسم الاقتصاد ، لا يواضب على الدراسة، بل يبدو أنه انقطع عن متابعة المحاضرات بعد نهاية الفصل الأول، يقضي جل أوقاته في الحدائق والمقاهي) (15).

وضع شاذ اضطر معه والده، عن حسن نية، للاستنجاد بخدمات صديقته القديمة فرانسين دوفرن، لمساعدته على انقاد ابنه من الضياع الذي يتهدده في غربته.  لكن هذه المبادرة البريئة عادت بنتائج سلبية مناقضة  تماما لما كان منتظرا منها. فمن جهة اعتبرتها  زوجته خالدة ، رسالة قدحية  غير مباشرة موجهة إليها ، يعفيها فيها من مسؤولية تربية ابنهما نعمان، ويسندها بالمقابل ، رغما عنها، لمن لاحق لها فيه. كما يتضح ذلك جليا من تـأويل جنين كرملي، صديقة خالدة، لهذا السلوك. تقول: ( متأكدة ، هو الذي جر الخيط فدارت الدوامة ثم دارت، ابنك ضحية وأنت كذلك، كل من يتمعن في القضية بدون تحيز يصل حتما إلى هذه الخلاصة، كيف يفسر أنه أخذ ابنه، ابنك، منك أنت أمه ووضعه بين يدي المرأة الأخرى؟ هذا منطق الحريم وأسوأ….. ومن قال إنه لم يكن يراها خفية طوال هذه الفترة؟ ماذا اختمر في نفسها كل هذه السنين التي قضتها متوحدة هائمة في ذكرياتها؟ تتوهم حياته معك، مسراته وأفراحه، وتحزن لحياتها هي الكئيبة العقيمة. وفي أعقاب سنوات الحزن والأسى يأتي زوجك ويهديها ابنك، كأنه يسر في أذنها: خذي وانتقمي لنفسك من جور الدنيا وقساوة الحظ. يا له من لئيم !) (16).

كما كانت هذه العلاقة المشبوهة، من ناحية ثانية ، سببا رئيسيا في إلصاق تهمة قتل سارة بنعمان، والتحقيق معه على هذا الأساس : ( يجري البحث الآن عن شاب وسيم شرقي الملامح ضبطت صورته في بيت سارة، وشوهد مرارا برفقتها في الأسابيع الأخيرة ) (17).

لكن المثير والجميل أيضا في هذا التحقيق، أنه خلافا لما هو مألوف في الرواية البوليسية، لم يفض لنتائج إيجابية ، تكشف أسرار الجريمة وتفضح مرتكبها ( أو مرتكبيها) . وبذلك يعود مجددا لنقطة البداية، مع إطلاق سراح نعمان، و إغلاق الملف، لعدم توفر المعلومات الكافية لمواصلة البحث من ناحية، وللتوجه الخاطىء الذي اتخذه مسار التحقيق في البداية اعتمادا على توافقات واهية من ناحية أخرى. كما يستشف ذلك صراحة من خطاب  عميدة الشرطة كلودين لاروز لشارلوط  ابراهمسن قريبة سارة: ( اسمعي يا آنسة هذه مقابلة حبية، لا تجعلي منها مجابهة، وعلى أي حال فات الأوان، ألصقنا تهمة بشخص اعتمادا على موافقات ظرفية ، ثم تبين أن التهمة وهمية، لابد عندئذ من إلغاء هذا الفاصل والعودة إلى نقطة البدء. وليس من الضروري أن تبقى القضية بيد نفس المسؤول. يحصل هذا يوميا. لا أود أن أخصص كل أوقاتي لهذه القضية، عندي مشاغل أخرى. احتراما لوالدتك ولك أردت أن أخبركما بذلك مباشرة، ابتداء من الآن لم تعد القضية من اختصاصي) (18).

نهاية وإن بدت سلبية تماما بالنسبة لأهل سارة، ما دامت تخيب آمالهم في معرفة الحقيقة، والاقتصاص من قاتل عزيزتهم، مما يشكل مظهرا من مظاهر إحباط السلطة لتطلعات المواطنين المشروعة للعدالة والمساواة. فقد كانت لها ، بالمقابل ، نتائج إيجابية عديدة أخرى ، نكتفي لضيق المجال بذكر اثنين منها:

 

أ/ من الناحية الفنية: كسر التلازم الوثيق المألوف في الرواية البوليسية بين الجريمة والتحقيق، والتحقيق والنتيجة الإيجابية. مما أضفى على مقروئيتها فعالية أكبر، يعود قسم مهم منها للخيبة التي أصابت أفق انتظار القاريء المتلهف لمعرفة المجرم وخلفيات عمله. فإذا به يفاجأ ، بعد طول ترقب ، بنتيجة مخالفة تماما لما كان يتوقعه. وإن لم تكن خالية تماما من فوائد أخرى، قد لا تقل أهمية عن تلك التي كان يحلم بها طوال رحلته الاستكشافية للرواية، وفي مقدمتها طبعا ذلك الربط الوثيق المباشر بين ما تعيشه الأسر المغربية من تفكك خطير، كشف التحقيق مع نعمان بعض جوانبه الخفية، والتدهور الكبير الذي تعرفه أوضاعنا الحضارية على مختلف المستويات والأصعدة. مما دفع الكاتب ، في هذه الرواية وغيرها، لإقامة علاقة وطيدة مباشرة بين ما هو تربوي وما هو حضاري، وإرجاع أغلب الظواهر الاجتماعية المرضية لأسباب تربوية ، بالمفهوم الشامل للكلمة، يقول السارد : ( البلد عليل ككل البلدان، لولا أن العلة تختلف كما تتجدد من عهد لآخر، العلة اليوم هي الأسرة ) (19).

وهو ما يفسر في تقديري الشخصي الأسباب الوظيفية والتعبيرية الكامنة وراء اختيار الموقع النصي الحساس لرسالة نعمان العتابية لأبيه، كجسر صلب يربط ، فكريا وفنيا، الحكاية الإطار(le récit enchassant) ( الخاصة بالسارد وجمعية المحافظة على المعالم الحضارية للمدن المغربية) ، والحكاية المؤطرة (le récit enchassé) ( الخاصة بالتحقيق في موت سارة وعلاقته بأوضاع نعمان العائلية ). وبالتالي بين واقع المدينة وواقع الأسرة. تماما كما تم التعبير عن ذلك صراحة في خطاب عزيز سراج للسارد: ( أنت الفضولي السائل عن أسرار الناس ، أراك تبكي انحطاط المدينة وتتورع عن الاستماع إلى ما هو أدهى، أعني تدهور الأسرة) (20). لذلك نرى أن الحكاية المتضمنة تعد من هذه الناحية بمثابة  جواب ضمني شاف عن التساؤل المبدئي الذي تطرحه الحكاية الإطار، رغم ما قد يبدو ظاهريا بينهما من تباعد.  

 

ب/ من الناحية الفكرية: المتعلقة أساسا بما أسماه السارد بالصدفة أو القدر، ودوره الأساسي الحاسم في توجيه أغلب الوقائع والسلوكات، من أبرزها على المستوى الحكائي المعتمد في الرواية، تلك القرائن الواهية التي حملت الشرطة الفرنسية على توجيه التهمة لنعمان، والظروف الغريبة التي ساهمت ، بشكل أو بآخر، في التقاء السارد بمعظم الشخصيات الروائية : ( تعرفت على شخصيات القصة بالمصادفة، والقصة كلها تدور حول المصادفة وآثارها )(21). علما بأن الصدفة التي تصل وتدفع، كما في المثالين السابقين، قد تفصل وتمنع أيضا، كما حدث مثلا مع السارد ، حين اعتقد خطأ أن مفتاح القضايا التي جاء من أجلها إلى الدارالبيضاء يوجد مع الصحفي المسافر كميل كامل وحده، فأضاع بذلك فرصة استخلاص تلك المعلومات من رفيقه في الفندق لمدة ثلاثة أيام عزيز سراج، الذي قال عنه أحد أعضاء الجمعية : ( إنه يعلم كل شيء عن المدينة وسكانها، عن المجتمع البيضاوي، وفئاته المختلفة، اضطرته الظروف منذ سنوات إلى أن يتحول إلى ملاحظ حافظ لما يجري ويدور في هذه الأنحاء) (22). حقيقة لم ينتبه إليها السارد، للأسف الشديد، بحكم نفس الظروف، إلا متأخرا، بعدما مات عزيز، وضاعت الفرصة من بين يديه. تماما كما حصل لعميدة الشرطة كلودين لاروز في تحقيقها مع نعمان. يقول السارد معلقا على ذلك: ( فهمت أن الملف قد أقفل، فهمت أن القصة التي كان المغرب مسرحا لها، وحاول عبثا الكشف عنها المحققون في باريس، التي ظننت أن كميل موسوي يملك سرها، فتعلقت به وأضعت وقتا ثمينا في انتظاره، فهمت أن حامل السر كان الرجل الذي رافقته طيلة ثلاثة أيام، والذي كان مستعدا للإجابة عن أي سؤال أطرحه عليه مباشرة وصراحة. تكلمنا في كل موضوع سوى الذي جئت من أجله إلى البيضاء. سنحت لي فرصة ذهبية فتركتها تضيع وتنحل في فرصة أوسع تهم غيري ولاتهمني.. مصادفة قاضية، اختتمت بها سلسلة، وابتدأت بها سلسلة أخرى من المصادفات المثيرة) (23).

 لتنتهي الرواية بما ابتدأت به، مؤكدة على الدور الكبير الذي تلعبه الصدفة ، أحيانا كثيرة ، في توجيه الأمور وتحديد مسارها. وهو ما يزيد في تدعيم الروابط الفكرية القائمة بين الحكايتين الكبيرتين المكونتين لهذا المتن الروائي: الحكاية الإطار( الخاصة بالسارد) والحكاية المؤطرة( الخاصة بعزيز سراج)، رغم اختلافهما الشكلي الظاهري من حيث المستوى والعلاقة السرديين. 

وهكذا فإذا كان السرد في الحكاية الإطار يتخذ طابع حكي شخصي ( narration homodiégétique)(*) من الدرجة الأولى، بحكم مشاركة السارد الفعلية في مشروع إنشاء جمعية حماية التراث المعماري والحضاري للمدن المغربية، مما جعل علاقته بالمحكي وثيقة وحميمية، انعكست آثارها التعبيرية على طبيعة الملفوظات السردية في شكل تعاليق وتدخلات ذاتية.

فإن الحكاية المؤطرة اتخذت بالمقابل مظهرا حكائيا مغايرا يطبعه الحياد والموضوعية التامين، نظرا لغيرية السرد ( narration hétérodiégétique)(*) وانقطاع العلاقة المباشرة بين السارد والمسرود، بحكم اعتماده الكلي في نقل الوقائع المحكية على الرواية الشفهية السابقة للسيد عزيز سراج، بعيدا عن أي شكل من أشكال المشاركة أو المشاهدة فعليتين،  كما هو الحال في الحكاية الأولى. وهو ما يعني بعبارة أخرى أن السرد هنا من الدرجة الثانية، يقوم فيه السارد بدورين عامليين مختلفين ومتكاملين:

 

·الأول دور المسرود له المتلقي المباشر الوحيد للحكي الشفهي لشخصية روائية مشاركة ، هي شخصية عزيز سراج.

 

·والثاني دور السارد الغيري المحايد للوقائع الحكائية السابقة، يقول: ( أروي الحوادث كما رويت لي بكل ما يحيط بها من غموض، وإن أقحمت حكما أو عبرة فما ذاك إلا لأن القلم يجري أحيانا مستقلا عن الفكر، كالجياد تواصل العدو عدة أمتار بعد خط نهاية السباق) (24).

 

تنوع سردي وإن بدا للوهلة الأولى شكليا، إلا أنه يستجيب في العمق لأهداف تعبيرية ضمنية مضبوطة ومحددة، تتمثل أساسا في إعطاء مصداقية أكبر لمضمون الحكاية الثانية المؤطرة، باعتبار مكانتها السردية المتميزة كبؤرة للرواية، ومركز تجميع لمختلف رهاناتها الفكرية والفنية.

 

وبذلك يتأكد ما قلناه سابقا في بداية هذه الدراسة، من ترابط وثيق للشكل بالموضوع في تجربة العروي الروائية ، لدرجة يصعب معها فهم الأبعاد الحقيقية الخاصة بكل عنصر منهما خارج ارتباطه بالآخر. وهو ما يفسر في الوقت ذاته الاختلاف الفني المطرد والمتجانس الذي ينتظم أعماله الروائية ويطبعها بطابعي الوحدة والتنوع، المقترنين عادة بالمشاريع الإبداعية الجادة الكبرى.

 


 

 

الهوامش والإحالات الخاصة بالدراسة :

 

 

*/ عبد الله  العروي: غيلة، رواية، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1998.

*/ عبد العالي بوطيب: الكتابة والوعي، دار الحرف، القنيطرة، المغرب،2007

+/ للإشارة فقط فقد أصدر الأستاذ العروي بعد ذلك رواية أخرى بعنوان ( الآفة) منشورات المركز الثقافي العربي 2006. تؤكد نفس الطروحات الواردة في هذه الدراسة ، كما سنبين ذلك بالملموس في دراسة لاحقة بحول الله.

*/ عبد الله العروي: الايديولوجية العربية المعاصرة، ترجمة: محمد عيتاني، دار الحقيقة للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1970، ص:269.

1/ مارت روبير: رواية الأصول وأصول الرواية، الرواية والتحليل النفسي، ترجمة: وجيه أسعد، مراجعة: أنطوان مقدسي، مطبعة اتحاد كتاب العرب، دمشق، 1987،ص:69.

2/ عبد الله العروي: من التاريخ إلى الحب، حوار أجراه معه محمد الداهي. منشورات الفنك، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1996،ص:80.

*/ التجريب الوظيفي ونعني به التجريب الهادف، الرامي إلى خلق تلاؤم وانسجام تامين بين المعطيات الشكلية والمادة الحكائية.

*/ عبد الله العروي: مرجع مذكور، 1970، ص:239.

3/ فاطمة الزهراء أزرويل: مفاهيم نقد الرواية بالمغرب، منشورات الفنك، الدارالبيضاء، الطبعة الأولى، 1989،ص:30.

4/ عبد الله العروي: حوار مذكور، 1996، ص: 18.

5/ عبد الله العروي: حوار مذكور، 1996،ص:44.

6/  عبد الله العروي: حوار مذكور، 1996،ص:44.

7/عبد الله العروي: حوار مذكور، 1996،ص:48.

*/ تجدر الإشارة إلى أن الأستاذ العروي سبق له أن نشر أربع روايات أخرى، هي:

- الغربة: دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 1971.

- اليتيم: دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 1978.

- الفريق: المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء،1986.

-أوراق: المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 1989.

- و أن كل رواية من هذه الروايات تتميز بشكلها السردي الخاص المناسب لطبيعة موضوعها و ما تتوخاه من أهداف ، يكفي أن نذكر منها على سبيل المثال فقط ، الأسلوب الواقعي ( على المستوى اللغوي أساسا) مع الفريق، و الشكل التراثي ( النص و الهامش ) مع أوراق، و الرواية البوليسية مع غيلة، و رواية الخيال العلمي مع الآفة. 

8/ عبد الله العروي: حوار التحديث والديمقراطية، مجلة آفاق المغربية، عدد:   43/4، سنة:1992، ص:151.

- أنظر أيضا عبد الله العروي: حوار مذكور، 1996، ص:49.

9/ عبد الله العروي: رواية مذكورة، 1998، الغلاف الخلفي.

*/ أنظر: G, genette : seuils, éd:seuil,coll,poétique;1987,p :7.

*/ يقول العروي على لسان إدريس بطل روايته – أوراق -: ( إن المرء يستطيع دائما أن يستمر في تأليف روايات على نمط بالزاك، كما يستطيع أن يكتب، بمساعدة القوامس، ملحمة بالأكادية، لكن لأي قارىء، وبأي هدف سوى المحافظة على كنز لغوي موروث).

أنظرعبد الله العروي: أوراق، سيرة إدريس الذهنية، المركز الثقافي العربي ، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1989،ص:182.

*/ يقول عزيز سراج أحد أبطال الرواية، على لسان السارد، في هذا الصدد: ( عاد عزيز إلى الاعلان، وإلى ما يدعيه البعض من أن المغرب لايعرف القصص البوليسي، لأن المجتمع صقيل شفاف لايخفي أسرارا حقيقية، المجهول عند العموم معلوم بالضرورة عند الخواص، أما المجهول من أصله وفعله، الواقع المتشابه الذي حار المرء في تأويله، فذاك أمر غير وارد علينا). الرواية المذكورة، 1998، ص:69.

*/ يقول تودوروف عن الرواية البوليسية: ( هذه الرواية لاتشتمل على حكاية واحدة، بل على حكايتين اثنتين: حكاية الجريمة( l’histoire du crime) وحكاية التحقيق (et l'histoire de l'enquéte) ).

أنظر:T,Todorov : typologie du roman policier,in poétique de la prose,éd :seuil,coll ;points,1978,p :11.

10/ أنظر: T,Todorov : in,op,cit, 1978,p :14/

11/ أنظر: Th,Narcejac :une machine à lire, le roman policier,éd,Denoél/gonthier,1975,p :22.

12/ أنظر:Th, Narcejac : op, cit,1975,p :15.

13/ عبد الله العروي: رواية مذكورة، 1998،ص:84.-*/أنظر:G,Genette :FiguresIII ,éd : seuil,coll:poétique,1972,p :90.

14/عبد الله العروي: رواية مذكورة،1998،ص:20.

15/ عبد الله العروي: رواية مذكورة، 1998، ص:95/96.

16/ عبد الله العروي: رواية مذكورة، 1998، ص: 195/196.

17/ عبد الله العروي: رواية مذكورة، 1998، ص:52.

18/ عبد الله العروي: رواية مذكورة،1998، ص:318.

19/ عبد الله العروي: رواية مذكورة، 1998، ص:47.

20/ عبد الله العروي، رواية مذكورة، 1998، ص:23.

- يقول العروي في موقع آخر: ( لايدرك الكثيرون أن قضية المرأة هي في العمق قضية الأسرة والحياة الزوجية والتربية العائلية، أساس المجتمع الديمقراطي العصري، لا يمكن أن نبني مجتمعا عصريا بدون نواة عائلية مكونة من زوج وزوجة لهما مشروع في الحياة، تكلمنا هنا كثيرا عن المصالحة بين الأفراد والدولة، والمصالحة بين الرجل والمرأة هل هي محققة؟ لا نرى إلا الشقاق والنفاق والتحايل، وذلك بمراى ومسمع من الأطفال، ونتعجب بعد ذلك عندما نرى ذلك السلوك نفسه في الحياة الاجتماعية العامة ، وفي ممارسة السلطة).

- عبد الله العروي: حوار مذكور،1992،ص:165.

21/ عبد الله العروي: رواية مذكورة، 1998، ص:5.

22/ عبد الله العروي: رواية مذكورة، 1998،ص:14.

23/ عبد الله العروي: رواية مذكورة، 1998،ص:350.

*/ أنظر:G,Genette :op,cit,1972,p :255

*/ أنظر:G,Genette :op,cit,1972,p :255

24/ عبد الله العروي: رواية مذكورة،1998،ص:5.